الأربعاء، 26 ديسمبر 2018

المدونة القديمة كان بها مشكلة وانا لا اعرف ونشرت عليها كل شئ في موعده وهذه صوره لها 
 

ما الذي توصلت اليه في القضية التي كلفت بها ؟
تنص الماده رقم 1 من قانون شيرمان " علي عدم قانونيه اي عقود او تجمعات في صورة اتحادات او اي شكل اخر او اية خديعه من شانها حصر التجارة او المقايضة بين الولايات المختلفه او بين الدول الاخري واي شخص يقوم بابرام اي عقد من هذه العقود او الاشتراك في اي من هذه التجمعات او الخديعه يقع تحت طائلة القانون باعتباره قد ارتكب جنحه " ولكننا يمكن ان نضيف انه في عام 1974 عدل نص هذه الماده وتم رفع الجريمة من جنحة الي جناية .
ويمكننا من هنا ان نعرض اطراف القضية .
الطرف الاول – الولايات المتحدة الامريكيه ( مدعي )
الطرف الثاني – ستيفن فانديمكح ( مدعي عليه ) [STEVEN KEITH VANDEBRAKE  ] . (1)
وهذه القضية بداءت في يونيو 2008 واستمرت حتي اواخر مارس 2009 والمدعي عليه والمتامرين معه في هذه القضية اشتركوا واجتمعوا للقضاء علي المنافسه عن طريق تحديد الاسعار وتزوير العطاءات لمبيعات الخرسانه الجاهزه في المنطقة الشمالية من ولايه ايوا . وكان الجمع والاشتراك والتامر الذي قام به المدعي عليه والمتامرون في التواطؤ في ضبط التجاره والتجارة بين الشركات بشكل غير معقول مما يشكل انتهاكا للماده رقم 1 من قانون شيرمان .
وانه في خلال هذه الفتره كان المدعي عليه يعمل مديرا للمبيعات لشركة خرسانه جاهزة وكان بيده قررات التسعير .
وان المدعي عليه والمتامرين معه استخدموا اساليب ووسائل متعددة لاحتكار الخرسانه الجاهزة في المنطقة الشمالية من ولايه ايوا .
وقاموا ايضا بالمشاركه في المناقشات في منطقة ايوا الشمالية بشان الزيادات في اسعار قوائم الاسعار السنوية للمتامرين للخرسانه الجاهزة المباعه في هذه المنطقه .
واتفقوا ايضا خلال تلك المناقشات علي رفع الاسعار في قؤائم الاسعار الخاصة بالخرسانة الجاهزة المباعه في هذه المنطقة .
واتفقوا ايضا خلال تللك المناقشات علي تقديم عروض مزورة باسعار تواطئيه وغير تنافسيه للعملاء في منطقة ايوا الشمالية .
واننا بعد ماذكرنا النقاط التي قامت عليها القضية يمكننا ان نذكر القانون الذي يطبق علي هذه القضية وهو قانون شيرمان.
وبعد كل ذلك نجد انه في عام 2009 ابلغ احد منافسي الشركة عن مؤامرة للتلاعب بالمناقصات لوزارة العدل في الولايات المتحدة من اجل الاستفادة من برنامج التساهل الذي وضعته شعبة الاحتكار لتقديم التقارير الاولي عن المتامرين في الاحتكار . وانه بعد الفحص وجد ان المدعي عليه كان ضالعا في ثلاثة مؤامرات منفصلة وهي التلاعب في العطاءات ومخططات تحديد الاسعار مع كل من المتنافسين ومخطط لتحديد الاسعار مع منافس ثالث .
واانه قد بلغ مجموع التجاره التي تاثرت بمؤامرة المدعي عليه5,660,000 $ وانه قد وجه اليه ثلاث تهم تتعلق بالجمع بين التجارة البيئية او التجارة المشتركة بين الشركات والتامر علي تقيدها بدون سبب وكل ذلك بموجب قانون شيرمان وانه قد اعترف بانه مذنب في جميع التهم .
ومن هنا حكمت المحكمة بالسجن لمدة 48 شهرا علي كل تهمة [The district court  ] (2) . 
ونجد ان المحكمة نظرت في طبيعة وملابسات الجرائم التي قام بها وقررت المحكمة ان عدة ظروف غير عادية جعلت جعلت الجرائم التي قام بها خطيرة للغاية وعللت ذلك بانه بالدخول في تلك المؤامرات قد ترك جماعته لا خيارات سوقية امامهم لشراء الخرسانة [The court reasoned  ] (3) .
وانه بعد ذلك تم الدخول في حكم محكمة الاستئناف في 27ابريل 2012 ورفض التماس لاعادة النظر في 20 يوليو 2012 وقدم التماس لاستصدار امر بالتصديق في 18 اكتوبر 2012 واحتج فيه باختصاص المحكمة .
ولكننا نجد ان المحكمة المحلية نظرت في التاريخ والخصائص الشخصية لمقدم الالتماس الذي وضع وزنا كبيرا علي عدم الندم التام لانه قدم علي فعل ثلاث جرائم وان هذه المحكمة حكمت عليه بالسجن لمدة 48 شهرا واحتج الملتس علي هذا الحكم وقال ان هذه العقوبة تختلف في الطول عن ما حكمت به نفس المحكمة علي المتامرين معه فانها قد حكمت علي احدهم بالحبس لمدة 12 شهرا ويوما واحدا [the district court sentenced  ] (4) .
وبعد ذلك ردت المحكمة علي ذلك بانها نظرت في طبيعة وظروف جريمة المتامر معه وتاريخه الشخصي .
واحتج ايضا بان الحكم الذي اصدر بالمبادئ التوجيهية التي ذكرت غير معقول من الناحية الموضوعية لانه اطول من العقوبات المفروضة في العديد من قضايا الاحتكار الاخري .
ولكن محكمة الاستئناف رفضت حجة مقدم الالتماس واكدت الحكم الذي صدر من المحكمة المحلية وعللت بان المحكمة المحلية نظرت في العوامل المناسبة التي تختلف عن المبائ التوجيهية وفسرت بالقدر الكافي قرارها المتعلق باصدار الاحكام .
وادعي مقدم الالتماس ايضا بان محكمة الاستئناف بتاكيدها للحكم الصادر بموجب المبادئ التوجيهية التي ذكرت في القضية قد اوجدت استثناء من الشرط القانوني القاضي بان تنظر المحاكم التي اصدرت الاحكام في ضرورة تجنب الحكم غير المبرر للتفاوتات .
وقد طبقت محكمة الاستئناف المعيار الصحيح للمراجعه علي الحكم الصادر علي مقدم الالتماس لانه في الولايات المتحدة قضت هذه المحكمة بان محاكم الاستئناف يجب ان تعيد النظر في جميع الاحكام سواء داخلها او خارجها او خارج نطاق المبادء التوجيهية بدرجة كبيرة بمجوجب معيار التعسف في التقدير [The court of appeals  ] (5) .
وفي الختام فاننا نري ان المحكمة قد اصابت في حكمها لانها حكمت بهذا الحكم بسبب خطورة الانتهاكات التي ارتكبها المدعي عليه وافتقاره الي الندم وغيرها من الظروف غير العادية لجرائمه ونري انه يجب رفض الالتماس المقدم لاستصدار امر بالتصديق .
(2)   المرجع السابق ص 2
(3)   المرجع السابق ص 3
(4)   المرجع السابق ص 4
(5)   المرجع السابق ص 7


هل يحظر القانون والدستور جريمة ازدراء الاديان ؟
تنص الفقرة (و) من المادة 98 علي انه " يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن ستة أشهر ..... او ازدراء احد الاديان السماوية او الطوائف المنتمية اليها .... او السلام الاجتماعي . "  ([1])
اننا لو تعرضنا لتحليل هذه الفقرة  فمن الممكن ان نجدها بها شبهة مخالفة للدستور في انها تعيق الحق في حرية العقيدة والحق في حرية الراي والتعبير . فتجدها خرجت عن نصوص الدستور .
فتنص الماده 64 من الدستور في فقرتها الاولي  " حرية الاعتقاد مكفولة "  ([2])
وتنص الماده 65 من الدستور ايضا " بأن حرية الفكر والرأي مكفولة "  ([3])
ومن هنا فان حرية الأفراد في الفكر والمعتقد والتعبير عنهما من الأمور التي سبقت تشكل المجتمعات والدول، بل بدونها لما نشأت الدول والمجتمعات التي كانت في الأصل فكرة. وتحرص الدساتير الديمقراطية الحديثة وكذلك العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية على صيانة حق كل فرد وبشكل متساو في أن يكون له كامل السيطرة على عقله وأن يشكل وبحرية أفكاره ومعتقداته وما يؤمن به دون أن يتعرض من أي جهة أو فرد لأي عقاب أو مضايقة.
وبعد ذلك ايضا فان للفرد الحق في تشكيل وتكوين معتقداته الدينية وأن يؤمن بما اطمئن إليه ضميره وهداه إليه تفكيره، دون أن يتعرض لأي مضايقة، فلا يجبره أحد على الإيمان بدين أو معتقد معين أيا كان هذا المعتقد، أو الاستمرار فيه أو تركه، أو أن يتعرض لتمييز بسبب ممارسته لحقه، وكذلك لا يجوز أن " تيسر الدولة - سرًّا أو علانية - الانضمام إلى عقيدة ترعاها إرهاقاً لآخرين من الدخول في سواها ولا أن يكون تدخلها بالجزاء عقاباً لمن يلوذون بعقيدة لا تصطفيها " ([4])
وفي النهاية نري ان جميع القوانين كفلت حرية الاعتناق لكل انسان الا ان هذه القوانين ايضا لم تسمح بازدراء الاديان وهذا نص عليه الدستور المصري الذي كفل حرية العقيدة وجرم في الوقت نفسه الاساءة لمعتقدات الاخرين . ومن هنا وبعد التعمق في الموضوع فانني أري ان الشبهة المخالفة للدستور في الفقرة (و) التي تم ذكرها قد انعدمت لان هناك فارق بين حرية الرأي والتعبير وبين انتقاد الافكار وازدراء الاديان والتقليل من معتقدات الاخرين .
ومن كل هذا فاننا نري ان القانون المصري والدستور وجميع مواثيق حقوق الانسان قد حظروا وجرموا ازدراء الاديان .



[1])) نص الماده 98 (و) من قانون العقوبات المصري طبقا لأحدث التعديلات بالقانون 95 لسنة 2003 م
[2])) نص الماده 64 من الدستور المصري الصادر في سنة 2014
[3])) نص الماده 65 من الدستور المصري الصادر في سنة 2014
[4])) المحكمة الدستورية العليا الطعن رقم 8 – لسنة 17 ق – تاريخ الجلسة 18 مايو 1996 – مكتب فني 7

السبت، 22 ديسمبر 2018


الفصل الاول
ماهية حجية الامر بان لا وجه لاقامة الدعوي
تمهيد :
تقتضي دراسة هذا الموضوع أن نمهد بدراسة عامة حول حجية الأمر المقضي او حجية الشئ المحكوم فيه ، حيث نتكلم عن المقصود بهذه الحجية ، وأساسها ، ثم نتعرض للتمييز بينها وبين قوة الامر المقضي ، وبينها وبين القوة التنفيذية للحكم ، ثم ننتقل بعد ذلك لبيان معني حجية الأمر بان لا وجه محل البحث ، وذلك في هذا المبحث .
المبحث الاول
دراسة عامة حول قاعدة حجية الامر المقضي
المطلب الاول ـ المقصود بحجية الأمر المقضي واساسها :
يقصد بحجية الأمر المقضي ـ بوجه عام ــ أن الاحكام التي يصدرها القضاء تكون حجة بما فصلت فيه ، فما جاء في هذه الأحكام يعتبر مطابقا للحقيقة . فاذا صدر حكم في دعوي ، فان القانون يعتبر هذا الحكم عنوانا علي صحته من ناحيه الشكل ومن ناحية الموضوع . ويترتب علي هذه القاعدة ان الخصوم يمتنع عليهم ان يعاودوا الالتجاء الي القضاء في شان نزاع سبق الفصل فيه . فاذا رفع احد الخصوم دعوي جديدة تتعلق بهذا النزاع  كان للخصم الاخر ان يدفع هذه الدعوي بحجية الأمر المقضي ، اي بسبق الفصل فيها ، ويجب بالتالي الحكم بعدم قبول الدعوي ([1])
ـ وفي النطاق الجنائي ، يقصد بحجية الأمر المقضي ، أن الفعل لا يلاحق الا مرة واحدة ، فاذا تمت محاكمة متهم عن فعل من الافعال وقضت المحكمة بالادانة او بالبراءة ، فلا يجوز ان تعاد محاكمته عن ذات الفعل مرة أخري ([2])  أي لايجوز العودة الي الدعوي الجنائية بعد الحكم فيه نهائيا ضد نفس المتهم عن ذات الواقعة ، لأن الحكم متي صدر صحيحا يصبح ناطقا بالحقيقة فيما قضي به . وقد نصت علي قاعدة عدم جواز محاكمة الشخص عن الواقعة مرتين "المادة 14/7 من الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 علي أنه "لاتجوز محاكمة احد أو معاقبته مرة ثانية عن جريمة سبق صدور حكم نهائي فيها أو أفرج عنه فيها طبقا للقانون والاجراءات الجنائية للبلد المعني " .
ـ اذن فللحكم الصادر في الدعوي حجية علي الخصوم تمنع من طرح النزاع بينهم من جديد . ومتي صدر حكم قضائي يجب علي الخصوم احترامه ، فلا يجوز لأحد منهم أن يجدد النزاع بدعوي مبتدأة . ولورفعت هذه الدعوي لم يجز قبولها ، بل تدفع بقاعدة حجية الأمر المقضي ويطلب الحكم بعدم جواز سماعها لسبق الفصل فيها ، ولكن يلاحظ أن حجية الأمر المقضي لاتمنع من الطعن في الحكم بالطرق المقررة قانونا ، سواء كانت طرقا عادية ، كالمعارضة أوالاستئناف ، أو طرقا غير عادية ، كالنقض أو طلب اعادة النظر ([3]) .
ـ ولا يقتصر أثر حجية الأمر المقضي علي واحد من الطرفين في الدعوي الأولي ، وانما هي تفرض عليهما معا ، يستوي في ذلك من خسر الدعوي ومن كسبها ، فيمتنع علي كل منهما أن ينازع مرة أخري فيما سبق الفصل فيه .
وكذلك الشأن في المسائل الجنائية ، فان قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي أثرها باعتباره عونا للحقيقة ، وحجة علي الكافة بما لا يقبل الجدل والمناقشة ، ومن حق المحكمة اعمال قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي من تلقاء نفسها ، لتعلق الحجية بالنظام العام . كما يجوز للمتهم الدفع بهذه القوة في أية حالة كانت عليها الدعوي ، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض .
ـــ أساس حجية الأمر المقضي :
تستند قاعدة حجية الأمر المقضي الي فكرة الاستقرار القانوني وهي تعني ثبات المراكز القانونية ووضوحها ، لأن المشرع راعي في هذه الحجية اعتبارات الصالح العام التي تقتضي وضع حد للمنازعات القضائية حتي تستقر مراكز الخصوم ، ولا تصبح قلقة الي ما لا نهاية([4]) .
ولا شك أنه من خلال الاستقرار القانوني تتحقق مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع معا . وتتحقق مصلحة الفرد بتوفير الطمأنينة له بوضع حد فاصل للنزاع يشعره بامكانية الحياة الحرة الهادئة بعيدا عن خطر اثارة المحاكمة الجنائية من جديد . وتتحقق مصلحة المجتمع في حسن سير القضاء بمنع عرض النزاع الذي حكم فيه من جديد لما يترتب علي ذلك من احتمال تعارض الاحكام ، الامر الذي يقلل من احترامها والثقة في عدالة القضاء الذي أصدرها ، فضلا عن زيادة أعبائه باشغاله بطعون لاتعرف النهاية مما يصرفه عن النهوض الكامل بمهامه .
ــ كما تستند قاعدة حجية الأمر المقضي الي اعتبارات العدالة التي تقضي بان من ارتكب جريمة لا ينزل به جزاؤها الا مرة واحدة . ويعني ذلك أنه بمجرد انقضاء الدعوي الجنائية يغلق الطريق دون توقيع جزاء ثان من أجل جريمة صدر حكم في شأنها وتحدد جزاؤها ، بل ان مبدأ العدالة يرفض تجديد الاجراءات الجنائية ضد شخص من أجل واقعة فصل فيه وتقرر لها الجزاء الجنائي الملائم .
ـ وأخيرا تستند قاعدة حجية الأمر المقضي الي كفالة الحريات الفردية . فجوهر هذه الحريات هو حصر نفوذ السلطات العامة في مجال محدود والاعتراف للفرد بحصانة في اطار مرسوم ، ويناقض هذه الفكرة أن يكون ارتكاب شخص جريمة فرصة لاتخاذ الدولة إجراءات لا تنتهي قبله وتوقيعها عليه عقوبات غير محصورة في عدد معين . ومن ثم كانت ضمانات الحريات مقتضية أن يقيد تدخل الدولة عند ارتكاب جريمة باتخاذ الإجراءات التي يحددها القانون ، فإذا انقضت الدعوي بحكم بات انقضي كذلك سلطان الدولة الناشئ عن الجريمة ، ولم يعد لها سبيل علي المسـئول عنها سوي تنفيذ ماقضي به هذا الحكم .
الفرع الاول ـ التمييز بين حجية الأمر المقضي وقوة الأمر المقضي :
يذهب الرأي السائد في الفقه إلي التمييز بين حجية الأمر المقضي وقوة الأمر المقضي فيقولون أن حجية الأمر المقضي تثبت لأي حكم قطعي يفصل في خصومة من وقت صدوره ، حتي ولو كان قابلا للطعن فيه باحدي طرق الطعن العادية ، فيظل الحكم حجة إلي أن يلغي نتيجة الطعن فيه ، فيزول الحكم وتزول حجيته .
أما قوة الأمر المقضي فمعناها عدم قابلية الحكم للطعن فيه بالطرق العادية وهي المعارضة والاستئناف . والأحكام التي تحوز هذه القوة هي الأحكام النهائية . فمتي أصبح الحكم غير قابل للطعن فيه بالطرق العادية وهي المعارضة والاستئناف حازقوة الأمر المقضي ، ولو كان قابلا للطعن بطريق غير عادي كالنقض والتماس إعادة النظر . إذن فكل حكم له قوة الأمر المقضي يحوز حجية الأمر المقضي في نفس الوقت وليس العكس صحيحا .
ويضيف بعض أنصار هذه التفرقة قولهم إن التفرقة بين الحجية والقوة ليست تفرقة في الدرجة ، بل إن الأمر يتعلق بفكرتين مختلفتين تخدم كل منهما غرضا مختلفا . فالحجية هي صفة للحماية القضائية التي يمنحها الحكم القضائي ، أما قوة الأمر المقضي فهي صفة في هذا الحكم . أما القوة فإن أهميتها تكون داخل هذه الخصومة للدلالة علي مدي ما يتمتع به الحكم من قابلية أو عدم قابلية  للطعن بطرق معينة ، أي للمساس أو عدم المساس به .
ــ ويذهب جانب اخر من الفقه إلي القول بأن قوة الأمر المقضي لا تكون إلا للأحكام النهائية غير القابلة للطعن عليها بطرق الطعن العادية حتي ولو كانت قابلة للطعن بالنقض والتماس إعادة النظر ، وهذه الأحكام تحوز قوة الأمر المقضي أيضا بعد صيرورتها باته ، أي بعد استنفاد طرق الطعن غير العادية ، فكأن قوة الأمر المقضي تثبت للأحكام النهائية والباتة علي حد سواء .
الفرع الثاني ـ التمييز بين حجية الأمر المقضي والقوة التنفيذية للحكم :
ـ تختلف حجية الأمر المقضي عن القوة التنفيذية للحكم إذ أن الحجية تعني امتناع إعادة نظر النزاع من جديد في الدعوي التي فصل فيها الحكم أمام ذات المحكمة ، ويقتصر أثرها علي الخصوم في الدعوي متي اتحد المحل والسبب . أما القوة التنفيذية للحكم فمعناها صلاحيته سندا لإجراءات تنفيذ العقوبة فيمن قضي عليه بها .
ويترتب علي هذا الاختلاف عدة فروق . ومن أهمها مايلي :
1-    حجية الأمر المقضي لا تثبت إلا للحكم الصادر من جهة قضائية لها ولاية الفصل القضائي ، فهي صفة للحماية القضائية التي يحصل عليها الشخص بواسطة القضاء . أما القوة التنفيذية ، فليست قاصرة علي الأحكام بل تثبت للحكم أو الأمر أو غيره من السندات التي تخول الحصول علي الحماية القضائية بواسطة التنفيذ الجبري . كما تثبت هذه القوة التنفيذية للأوامر الصادرة من قضاء التحقيق . وفي الجملة تثبت هذه القوة لكافة الأعمال الصادرة من السلطات العامة .
2-    تقوم حجية الأمر المقضي بوظيفتين : الأولي سلبية ، والأخري إيجابية . وتتمثل الوظيفة السلبية في منع إعادة الفصل في الدعوي التي سبق الفصل فيها . ويتحقق ذلك عن طريق الدفع بعدم قبول الدعوي لسبق الفصل فيها . بينما تتمثل الوظيفة الإيجابية في احترام ماقضي به الحكم ، بحيث يلتزم القاضي باحترام الحكم السابق عند الفصل في موضوع دعوي أخري يثار فيها مضمون هذا الحكم كمسألة أولية . ويتم ذلك عن طريق التمسك بحجية الأمر المقضي كما سبق أن بينا . أما القوة التنفيذية للحكم فلها وظيفة إيجابية تتمثل في صلاحية الحكم للتنفيذ بالقوة الجبرية .
3-    حجية الأمر المقضي تقيد محكمة الموضوع وتمنعها من إعادة نظر النزاع المحكوم فيه من جديد ، حتي ولو كان ذلك بناء علي طلب أطراف الدعوي الجنائية . أما القوة التفيذية للحكم فمنوط أمر القيام بها إلي النيابة العامة ، فهي الجهة المختصة بتنفيذ الأحكام الصادرة في الدعوي الجنائية ، وذلك وفقا لما تنص عليه المادتان 461/1 و462 إجراءات جنائية . وتنص المادة 461/1 علي أنه " يكون تنفيذ الأحكام الصادرة في الدعوي الجنائية بناء علي طلب النيابة العامة وفقا لما هو مقرر بهذا القانون " . وتنص الماده 462 علي أنه " علي النيابة العامة أن تبادر إلي تنفيذ الأحكام الواجبة التنفيذ الصادرة في الدعوي الجنائية ، ولها عند اللزوم أن تستعين بالقوة العسكرية مباشرة " .
المطلب الثاني ـ معني حجية الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوي :
ـ يعتبر الأمر بأن لاوجه من الأوامر القضائية ، ومن ثم فهو له حجية من نوع خاص نظرا لاعتباره من القرارات القضائية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ، وهو يحوز حجية تمنع من إعادة النظر في الدعوي الجنائية ، طالما لم يتوافر أحد الأسباب المبررة للعدول عنه ، كظهور الدلائل الجديدة . وهذه الحجية التي تكون للأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوي الجنائية ذات طابع سلبي ، إذ أنها تحول دون إعادة نظر الدعوي الجنائية مرة ثانية لسبق صدور أمر بأن لا وجه لإقامتها .
ومن ناحية أخري ، تعتبر هذه الحجية عامة إذ تلتزم بها كافة جهات القضاء ، سواء كانت قضاء الحكم أو قضاء التحقيق . ومع ذلك فإن القول بحجيته في مجال القضاء المدني أمر غير مسلم به .
وتستند حجية الأمر المقضي به إلي مبدأ مستقر هو ـ كما رأينا ــ أنه عدم جواز المحاكمة عن ذات الواقعة مرتين .
وبناء علي ذلك يعتبر الدفع بحجية الأمر المقضي مسألة تتعلق بالنظام العام ، ومن ثم يجوز التمسك به ، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض ، كما أن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها .
ومن المقرر أنه لكي يكون الدفع صحيحا يتعين توافر الشروط اللازمة لذلك ، أي ان تتحقق وحدة الواقعة ، ووحدة الخصوم ، ووحدة السبب في الواقعتين .
فإذا توافرت هذه الشروط اعتبر الدفع مسألة اولية وسبب لانقضاء الدعوي الجنائية ، ويتعين بحثه قبل كل أعمال المحاكمة أو التصرف في الواقعة ذاتها .
وكما سبق القول يتشابه الأمر بان لا وجه لإقامة الدعوي ــ في الاثر السلبي المترتب علي حجية الأمر المقضي ــ مع قوة الحكم البات أمام القضاء الجنائي التي تمنع من إقامة الدعوي الجنائية مرة ثانية علي الشخص نفسه من أجل ذات الواقعة ، وإذا أقيمت الدعوي من جديد فإن الدفع بقوة الحكم الجنائي الفاصل فيها يحول دون إعادة السير فيها ومتابعة إجراءتها .
إلا أن نطاق هذه الحجية يختلف في الحكم البات عنه في حالة الأمر بأن لا وجه ، والذي تكون حجيته مؤقتة تنهار بالغائه .
ومن ناحية أخري ، يكون للحكم الجنائي البات ــ كما رأينا ــ القوة التنفيذية ، والتي تعطي للنيابة العامة مكنة تنفيذ العقوبة بالقوة الجبرية ، وان اثار هذا الحكم لاتقتصر علي العقوبة الاصلية التي يقضي بها ، بل تتعداها في أغلب الاحوال إلي بعض النتائج التي تتعلق بالعود ووقف التنفيذ ، ورد الاعتبار ، وفقدان الأهلية والحرمان من الحقوق والمزايا .
وبناء علي ذلك تكون حجية الأمر المقضي أمرا مقررا ومسلما به بالنسبة للحكم النهائي البات ، غير ان هذه الحجية تشمل أيضا الأمر الجنائي إذا لم يتم الاعتراض عليه أو إلغاؤه من ناحية الأثر السلبي باعتباره يضع حدا للدعوي الجنائية ويمنع من السير فيها . كما أن هذه الحجية تكون بمثابة عقبة قانونية تعترض كل إجراء يراد به إعادة البحث في الدعوي التي صدر فيها أمر نهائي بأن لا وجه . ومن ثم لا يجوز اللجوء إلي أي إجراء يراد به وضع ما قرره هذا الأمر موضع الجدل والمناقشة .
وتبرر حجية الأمر المقضي بأن الأجراءات بوصفها أداة لتطبيق قانون العقوبات تعمل في نطاق مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ، وهذا المبدأ كما يتطلب عدم معاقبة المتهم إلا عن جريمة واحدة نص عليها القانون وتوقع عليه العقوبة المقررة بهذا القانون ، يفترض ايضا عدم مساءلة المتهم عن الجريمة ومعاقبته عنها الا مرة واحدة أي أنه يفترض عدم جواز محاكمة المتهم عن فعل واحد مرتين ، أو عدم جواز معاودة اتخاذ ذات الإجراءات عن ذات الفعل مرتين .
ــ ويقصد بحجية الأمر بأن لا وجه أنه لا يجوز لسلطة التحقيق القيام في الدعوي بأي اجراء من إجراءات التحقيق أو إعادة تحريكها من جديد بعد صدور هذا الأمر مالم يطرأ سبب لإلغائه ، بل لا يجوز لها تقديم الدعوي إلي قضاء الحكم عن ذات الواقعة بعد صدور هذا الامر . فإذا رفعت الدعوي علي المتهم خطأ أمام المحكمة بعد أن انتهت سلطة التحقيق إلي التقرير فيها بأن لا وجه لإقامتها ، تعين عليها الحكم بعدم قبول الدعوي الجنائية ، لمخالفة ذلك للنظام العام .
ــ والخلاصة أن الأمر بأن لا وجه يحوز حجية ، تتمثل بأثره السلبي ، فهو يوقف السير في إجراءات الدعوي الجنائية بمجرد صدوره أيا كانت الأسباب التي يستند إليها . مع ملاحظة أنه لما كان هذا الأمر لا يصدر فاصلا في موضوع الدعوي الجنائية ، فإن حجيته ذات طابع خاص من حيث جواز العدول عنه ، إذا توافرت دلائل جديدة تبرر العودة إلي تحقيق الواقعة التي سبق أن صدر فيها (المادتان 197 ، 213 أ . ج ) ، أو إذا ألغي النائب العام الأمر الصادر من النيابة العامة في خلال الثلاثة أشهر التالية لصدوره (م 211 أ . ج ) .
الفرع الأول ـ خطة التشريعات الإجرائية في شأن تقرير حجية الأمر بأن لا وجه :
تنقسم التشريعات الإجرائية فيما يتعلق بتقرير حجية الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوي إلي مذهبين أساسيين :
المذهب الأول ـ الاعتراف الصريح بحجية الأمر بأن لا وجه :
يتضمن هذا المذهب الاعتراف الصريح بحجية الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوي ، ومن أمثلة التشرعات الاخذة بهذا المذهب ، القانون الفرنسي . وكان موضع النص الذي يعترف صراحة بحجية أمر سلطة التحقيق الصادر بأن لا وجه لإقامة الدعوي ، هو المادة 246 من قانون تحقيق الجنايات ، التي تقضي بأن " المتهم الذي تقرر المحكمة الملكية ألا وجه لإحالته إلي محكمة الجنايات لا يحاكم أمامها من جديد عن نفس الواقعة إلا إذا توافرت دلائل جديدة " . وواضح أن هذا النص قد اعترف صراحة بهذه الحجية للأمر بأن لا وجه الصادر من المحكمه الملكية .
وعلي الرغم من أن نص المادة 246 المتقدم قد أغفل الإشارة إلي حجية الأمر بأن لا وجه الصادر من قاضي التحقيق ، إلا أن الاجماع قد انعقد في الفقه والقضاء علي تفسيره تفسرا عاما ، بحيث ينطبق علي الأوامر بأن لا وجه الصادرة من قاضي التحقيق .
المذهب الثاني ـ الاعتراف الضمني بحجية الأمر بأن لا وجه :
يتضمن هذا المذهب الاعتراف الضمني بحجية الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوي .  وان بعض النصوص التشريعية قررت أنه لا يجوز العدول عن الأمر بأن لا وجه والعودة إلي التحقيق أو رفع الدعوي إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل سقوط الدعوي بالتقادم . وهذا المذهب يمثل ــ في الواقع ــ الاتجاه السائد في التشريعات الإجرائية المقارنة ، وفي مقدمة التشريعات التي تأخذ بهذا المذهب قانون الإجراءات الجنائية المصري . فقد نصت المادة 197/1 منه المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 ، علي ان " الأمر الصادر من قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوي يمنع من العودة للتحقيق إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوي الجنائية " . كما نصت المادة 213 منه علي أن " الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوي وفقا للمادة 209 لايمنع من العودة إلي التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة كما نصت المادة 213 منه علي أن " الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوي وفقا للمادة 209 لايمنع من العودة إلي التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقا للمادة 197" .
ويستفاد من هذين النصين أن الأمر بأن لا وجه يحوز حجية الشئ المحكوم فيه بمجرد صدوره ، وأنه لا يجوز العدول عنه والعودة إلي التحقيق طالما لم تظهر دلائل جديدة .
الترجيح بين المذهبين :
بعض التشريعات الحديثة حرصت علي الاعتراف الصريح بحجية الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوي ، مثل قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي ، وان اغلبها يقرر تلك الحجية بطريقة ضمنية ، تستفاد من النصوص التي تقرر أنه لا يجوز العدول عن الأمر والعودة إلي التحقيق إلا في حالة ظهور دلائل جديدة ، مما يعني أن هذا الأمر يكتسب حجية الشئ المحكوم فيه بمجرد صدوره ، وعند غياب هذه الدلائل الجديدة ، كما  هو الحال في قوانين الإجراءات ، في مصر ، وأغلب الدول العربية ، وإيطاليا ، وبولندا .
ويبدو لنا أن أفضل المذهبين اللذين عرضناهما هو المذهب الذي يتضمن الاعتراف الصريح بحجية الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوي . لأنه بايراده النص الصريح لهذه الحجية يكسب المتهم حقا في الاتعود سلطة التحقيق إلي ملاحقته أو تحريك الدعوي ضده من جديد من أجل نفس الواقعة طالما لم تتوافر دلائل جديدة تبرر ذلك . وبناء علي ذلك نطالب المشرع المصري بأن يتبني هذا المذهب للمزايا التي يحققها .
الفرع الثاني ـ التمييز بين حجية الأمر بأن لا وجه النهائية أو المؤقتة من جهة الأسباب التي يستند إليها :
أولا : الموقف في مصر :
موقف الفقه :
يذهب جانب من الفقه المصري إلي حجية الأمر بأن لا وجه تكون نهائية في الأحوال التي يصدر فيها لأحد الأسباب القانونية المبررة لذلك ـ الواقعة لا يعاقب عليها القانون ـ أي في كل الفروض التي يمتنع معها توقيع العقاب علي المتهم . في ذلك أن تكون اسبابا قانوينة ذات طبيعة موضوعية أو اسبابا قانونية ذات طبيعة إجرائية . والعلة في ذلك أن صدور الأمر بأن لا وجه لأحد هذه الاسباب يفترض بقوة القانون إنهاء الدعوي وإيقاف السير فيها كامتناع مسئولية المتهم لصغر السن او للجنون أو للسكر الاضراري ففي هذه الحالة من الصعب افتراض ظهور دلائل جديدة تنفي أو تعدم السبب القانوني الذي استند إليه الأمر .
كما يبدو الطابع النهائي لحجية الأمر بأن لا وجه المؤسس علي الأسباب القانوينة الموضوعية ، كأسباب الإباحة ، سواء كانت ذات أثر موضوعي كالدفاع الشرعي أو ذات أثر خاص كاستعمال الحق أو أداء الواجب .
ويقال الأمر نفسه بالنسبة للأسباب القانوينة ذات الطبيعة الإجرائية ، سواء كانت اسبابا خاصة ، كالتنازل عن الطلب أو الشكوي أو أسبابا عامة ، كالوفاة والعفو الشامل أو التقادم .
بينما تكون للأمر بأن لا وجه الحجية المؤقتة إذا كان مبنيا علي أسباب واقعية ذات طبيعة موضوعية ، كعدم كفاية الأدلة ، أو عدم معرفة الفاعل إذ أن احتمال تاثر الأمر بأن لا وجه بالأدلة الجديدة يكون قويا في هذه الحالة الأخيرة .
ــ بينما يذهب جانب اخر ــ بحق ــ إلي أن الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوي الجنائية يكتسب حجية الشئ المحكوم فيه ، سواء استند إلي أسباب قانوينة أو الي اسباب موضوعية أي سيان أن يكون الأمر قد بني علي سبب يتعلق بالوقائع ، فقد يبني الأمر علي أن الواقعة لاعقاب عليها لفقدان ركن من أركان الجريمة أو لوجود سبب من اسباب الإباحة أو مانع من موانع المسئولية أو العقاب أو لسقوط الدعوي بمضي المدة ، ثم تظهر دلائل جديدة تثبت الركن الفاقد أو تنفي عارض المسئولية أو تقطع المدة ، أو تجعل الواقعة جناية مما يؤدي إلي إطالة مدة التقادم .
موقف القضاء :
اما القضاء عندنا ، فلم يأخذ بهذا المذهب ، لأن القانون لم ينص عليه صراحة . ولكن قضاء النقض مستقر علي أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوي الجنائية ما دام قائما ولم يلغ . فلا يجوز مع بقائه قائما مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق ولا إقامة  الدعوي عن ذات الواقعة التي صدر الأمر فيها ، لأن له في نطاق حجيته ما للأحكام من قوة الأمر المقضي .
ثانيا : الموقف في فرنسا :
موقف الفقه :
يكاد يجمع الفقه الفرنسي علي أنه يتعين التفرقة بين الأوامر بأن لا  وجه التي تبني علي أسباب واقعية ، كعدم كفاية الأدلة ، أو عدم معرفة الفاعل وبين الأوامر بأن لا وجه التي تبني علي أسباب قانونية ، كعدم خضوع الفعل لنص تجريم أو امتناع المسئولية لصغر السن أو جنون المتهم أو انقضاء الدعوي بالتقادم ، فيقولون أن النوع الأول من الأوامر ثبت له الحجية المؤقتة التي تجيز العودة إلي التحقيق إذا ظهرت دلائل جديدة . أما النوع الثاني من الأوامر فتثبت له الحجية النهائية ، ويمنع بالتالي من العودة إلي التحقيق لظهور دلائل جديدة.
موقف القضاء :
أما القضاء الفرنسي ، فمع التزامه ــ كقاعدة عامة ــ بهذه التفرقة ــ رغم أن المشرع لم ينص عليها ــ إلا انه أحيانا يخرج عليها ،  فيجيز إعادة التحقيق في بعض الحالات التي يستند فيها الأمر بأن لا وجه إلي أسباب قانونية . مثال ذلك حالة ما إذا كان الأمر بان لا وجه قد استند إلي كون الجريمة جنحة سقطت بمرور ثلاث سنوات ، ثم ظهر دليل جديد علي وجود ظرف مشدد يجعل منها جناية تنقضي الدعوي الناشئة عنها بمضي عشر سنين .





([1])  د . عبدالرازق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، جـ 2 نظرية الالتزام بوجه عام ، المجلد الاول ، الاثبات ، دار النهضة العربية ، الطبعة الثانية 1982 ص 813 .

([2])  وقد عبرت محكمة النقض عن هذه القاعده بقولها " لاتجوز محاكمة الشخص الواحد عن فعل واحد مرتين ذلك ان الازدواج في المسؤلية الجنائية عن الفعل الواحد أمر يجرمه القانون وتتاذي به العدالة "
(نقض 29/1/1973 ، مجموعة احكام النقض س 24 رقم 26 ص 108 ، 2/12/1982 س 33 رقم 196 ص 947 ) .
([3]) وقد قالت محكمة النقض في ذلك " من المقرر أنه متي أصدرت المحكمة حكمها في الدعوي فلا تملك اعادة نظرها الا بالطعن فيه بالطرق المقررة في القانون ، علي ما سجلته الفقرة الاخيرة من المادة 454 اجراءات جنائية ، لأن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة بل هو اقوي من الحقيقة ذاتها ، ومتي كان الامر كذلك  فلا يجوز طرح الدعوي من جديد أمام القضاء عن ذات الفعل وضد ذات المتهم المحكوم عليه " .
(نقض جنائي 31/1/1969 مجموعة احكام النقض س 20 رقم 87 ص 401 ، 6/6/1976 س 27 رقم 131 ص 592 ) .

([4]) وقد أكدت محكمة النقض فكرة الاستقرار القانوني بقولها " ان الشارع قد قصد بغير شك أن يجعل لطرق الطعن الممنوحة للمتهم والمذكورة في القانون علي سبيل الحصر حدا يجب أن تقف عنده الاحكام لحسن سير العدالة واستقرار للأوضاع النهائية التي انتهت اليها كلمة القضاء " (نقض 26/4/1960 مجموعة أحكام النقض س 11 رقم 77 ص 380 ، 6/3/1972 س 23 رقم 69 ص 296 ) .

المدونة القديمة كان بها مشكلة وانا لا اعرف ونشرت عليها كل شئ في موعده وهذه صوره لها